قد يتساءل البعض من رجال الأعمل عن الاستيراد من تركيا ، وذلك لعدة عوامل جعلت تركيا من أوائل الدول المرغوبة عالمياً بشكل عام و عربياً بشكل خاص في الاستيراد، وذلك يعود لجودة الصناعات التركية و تنوعها التي تغطي العديد من احتياجات السوق العالمية، بالإضافة إلى أسعارها المنافسة التي باتت مع كل التحديات تنافس عديد من الدول منها الصين في مختلف الصناعات مثل الصناعات النسيجية والصناعات الغذائية و مواد البناء و غيرها من الصناعات المتنوعة.
كما أن موقع تركيا الاستيراتيجي في وسط قارات العالم القديم وإشرافها الكبير على البحر الأبيض المتوسط و قناتي الدردنيل و البوسفور، جعل لتركيا أهمية استراتيجية فائقة في مجال سرعة النقل و تكاليفه. ماهذا إلا استشراف بسيط على العوامل التي جعل تركيا محط انظار الكثير من الصناعيين و التجار و بذلك أصبحت وجهة للاستيراد من أغلب الدول.
ولهذا الإقبال الغير مسبوق سنوضح بشكل مفصل الاستيراد من تركيا و مراحله، ونجيب عن هذا السؤال الملح من لحظة خطوره على البال و حتى وصول البضاعة إلى حدود دولة المشتري.
اختيار المنتج
في المقام الأول و الأهم هو تحديد المنتج المراد استيراده، وهو أمر بديهي لكن الأمر لا يقتصر فقط على الإختيار ،وإنما يجب أن يكون هنالك دراسة كاملة للمنتج من ناحية طلبه بالسوق المحلي و مواصفاته و أسعاره و امكانية المنافسة فيه أو من مدى أههميته في مراحل الإنتاج.
في حال كانت المادة المراد استيراديها نصف مصنعة يجب معرفة مواصفاتها التفصيلية و كيفية استخدامها في مرحال الإنتاج.
تستوجب هذه الدراسة ان تكون مستوفية لهذه الأمور ، و بعد ذلك يتم تحديد الكميات المطلوبة و المواصفات الفنية للمنتج بدقة و كتابة قائمة الطلب التي تضم المواد المراد استيرادها.
البحث عن المنتج
في المرحلة الثانية تبدأ رحلة البحث عن المنتج، بداية عبر الإنترنت من مواقع الشركات و المعامل و مواقع التواصل الاجتماعية لهذه الشركات، لكن العثور على المصنعين بشكل مباشر يعتبر مهمة صعبة جداً ،و قد تأخذ الكثير من الوقت خاصة وأن المصنعين في تركيا لا يهتمون كثيراً بحضورهم الرقمي (التواصل الاجتماعي والمواقع) والبحث على ارض الواقع يعد أصعب من ذلك لإهدار جهد كبير بالإضافة إلى إهدار الكثير من المال.
والحل الأمثل هنا يكون في التواصل مع الوسطاء التجاريين المحترفين لتوفير الجهد و الوقت و حتى المال ، حيث أن الوسطاء سيتيحون لك العديد من الخيارات بالإضافة إلى أسعار منافسة وذلك لأن معظم هذه المكاتب متعاقدة مع المعامل التي سوف يتم الاستيراد منها حيث تكون الأسعار موحدة مع المصانع.
العروض السعرية
بعد العثور على الموردين من معامل و وسطاء تجاريين، يتم ارسال قائمة الطلبات التي تتضمن أنواع البضائع و مواصفاتها التقنية و الكميات المطلوبة إليهم للحصول على عروض سعرية. يفضل الحصول على عدد يتراوح بين الثلاث و الخمس عروض سعرية ، وقد تكون من اكثر من مصدر أو من عدة مصادر ففي قدرة الوسطاء تأمين اكثر من عرض سعري.
ولا يستحسن الإكثار من العروض السعرية وإن بدت كفكرة جيدة في البداية لأن العدد المذكور لعروض السعر للقائمة الواحدة كافي لأخذ صورة وافية عن السوق ، ولعدم إضاعة الكثير من الوقت و الجهد ،و قد توقع الكثرة في الخيارات الحيرة في عقل المشتري.
البحث عن وسيلة للشحن
من المهم جداً قبل إتخاذ القرار في الإستيراد وبعد الحصول على قوائم أسعار السلع المطلوبة معرفة تكاليف نقل هذه السلع و تحديد وسائل النقل المراد استخدامها، والتي ترتفع و تهبط تبعاً لحجم الشحنة وبُعد دولة المشتري. بطبيعة الحال في معظم الحالات تكون وسيلة الشحن هي البحر لكونها الأمثل من ناحية التكاليف و الوقت, كما بالإمكان النقل برياً كخيار بديل لكن تكاليفه اكبر و يستهلك وقتاً اكثر لذلك لايحبذ النقل البري إلا في حالات الدول المجاورة لتركيا مثل العراق و سوريا. وفي حالات خاصة يتم النقل جواً وذلك لسرعته الشديدة لكن تكلفة النقل الجوي عالية جداً و يوجد الكثير من الشروط للقيام به من محدودية الكمية المسموحة في الحمولة الواحدة و نوعية المواد المستوردة. وعملية الشحن إما تتم بالتواصل مع شركات للشحن من قبل المستورد حيث يقومون باستلام البضائع من المرافئ التركية و ايصالها لوجهتها المرادة بتواصل مباشر مع المستورد أو الإعتماد على الوسطاء التجاريين في هذه المهمة وبذلك يتكفلون بكل عملية الإستيراد من الألف إلى الياء وذلك لتعاقدهم مع شركات شحن معينة تسهل العملية كثيرا.
إتخاذ القرار
بعد الحصول على القوائم السعرية من الموردين وأسعار الشحن تتم المقارنة بين الأسعار بالإعتماد على الجودة و المواصفات الفنية وإتخاذ القرار بتحديد المورد المراد التعامل معه.
وقبل إتخاذ هذا القرار من الممكن زيارة الموردين شخصياً و التأكد من البضائع من ناحية المواصفات و الجودة و إن تعسر موضوع القدوم إلى تركيا بسبب تأشيرات الدخول فإن شركات الوساطة التجارية التركية المرموقة بإمكانها التقدم بتأشيرات للعميل من الحكومة التركية بشكل مباشر مما يسهل عملية الحصول على التأشيرة.
وفي حال عدم رغبة الزبون بالمجيء من الممكن توظيف شركة رقابة تجارية معتمدة لتقوم بالإشراف على السلع و عملية الإستيراد إن كانت من مصنع أو من وسيط تجاري. وقد لا يحتاج المستورد إلى كل هذا في حال تعامله مع مورد موثوق.
عملية الدفع
بشكل عام معظم الموردين يقبلون الدفع نقداً أو عن طريق الحوالات المالية أو عن طريق الحوالات المصرفية أو الإعتماديات البنكية، بالنسبة للإعتماديات البنكية هي جعل البنك وسيط يكفل الطرفين بحيث لايضيع حق احدهما ويتقاضى البنك من 2% إلى 5% على هذه الخدمة من اجمالي المبالغ المراد تحويلها.
في الكثير من الحالات يقوم المستورد لأول مرة باستخدام الإعتماد المصرفي لعدم ثقته بالمورد و بمجرد حصوله على الثقة يعتمد احد أساليب الدفع الأخرى. الدفع يكون غالباً على مرحلتين: المرحلة الأولى عند اعتماد السلعة لحجزها أو للقيام بتصنيعها في حال لم تكن جاهزة و تكون عادة النصف من إجمالي المبلغ و المرحلة الثانية قبل الشحن يتم دفع النصف الآخر.
الأعمال الورقية
بالنسبة للأعمال الورقية و الأوراق المطلوبة ففي حال التعامل مع وسيط يقوم بتأمينها وتجهيزها كاملة , والأوراق تختلف من دولة لإخرى فالمستورد يجب أن يتعامل مع شركة تخليص جمركي في الدولة المستوردة أو أن يكون له شركة فيها محاسبين ماليين يقومون بالتخليص الجمركي له ولكن الأوراق التي تعد اساسا في معاملات الإستيراد هي وثيقة ملكية البضاعة و فاتورة البضاعة و لائحة جرد البضائع، وما تبقى من أوراق عائدة على متطلبات الدول و قواعد التخليص الجمركي فيها.
وهكذا تكون رحلة الإستيراد من تركيا بداية بتحديد نوع السلع المراد استيرادها و تحديد مواصفاتها الفنية و كميتها، من ثم التواصل مع الموردين في تركيا إما عن طريق الإنترنت أو بشكل شخصي، يلي ذلك طلب القوائم السعرية من الموردين و دراسة اسعار الشحن و كيفيته، تأتي بعد ذلك مرحلة القرار حيث يتم تحديد المورد المراد التعامل معه و من ثم دفع نصف حق البضاعة بشكل مبدئي إما نقدا و إما بوساطة بنكية في حال الإستيراد لأول مرة.
و يتم الإشراف على البضاعة التي تكون قيد التصنيع او التي في المخازن إما عن طريق الوسيط التجاري في حالة الثقة به او شخصياً او بتوظيف شركة رقابة خارجية.
بعد تجهيز البضاعة بشكل كامل و قبل التحميل تتم الدفعة الثانية و الأخيرة و الحصول على جميع الأوراق المطلوبة في بلد المشتري من اجل المعاملات الجمركية، و من ثم تبدأ رحلة البضاعة حتى تصل بين يدي الزبون إلى حدود دولته، حيث يتكفل بترخيصها جمركيا و إدخالها.
